apartment for sale beirut

Like Us on Facebook

Thursday, July 5, 2012

الهجرة من وسط بيروت

الهجرة من وسط بيروت


مصالح «سوليدير» تنقل النشاطات إلى البحر


الدولة عادة تتولى وظيفة التخطيط المديني، الا انه في لبنان، تترك هذه الوظيفة لشركة خاصة لا همّ لها سوى قنص الفرص لتحقيق الارباح... فبحسب المتابعين، بدأت الهجرة من وسط بيروت نحو المنطقة المستحدثة على البحر كونها اكثر جاذبية... فلو أن الدولة تقوم بواجباتها ووظائفها لكان يُفترض ان تتحول المنطقة المستحدثة الى متنزهات مفتوحة لابناء بيروت فيما يبقى الوسط ذا طابع تجاري يحمل هوية محددة
محمد وهبة
كان الهدف الأساسي المعلن من وراء إنشاء شركة «سوليدير» ومصادرة الاملاك الخاصة والعامّة، هو إعادة إعمار وسط بيروت بعد الحرب، فأُنشئت الشركة بقانون في مجلس النواب أتاح السيطرة على مساحات عقارية واسعة بأبخس الأثمان، وتم تحويل اصحاب الحقوق من اصحاب ملكيات تتسم بالثبات الى حملة أسهم متذبذبة. لكن المسألة لم تقف عند هذا الحدّ فقد تنازلت الدولة كلياً عن وظيفتها في التخطيط والتنفيذ لصالح شركة تمتلك مصالح واضحة في مخالفة القوانين والانظمة لتحقيق الارباح.
ويظهر هذا الأمر في كل الجوانب المتصلة بالنشاطات القائمة في وسط بيروت اليوم. فمثلاً، تم تحويل بعض الساحات ذات الطابع التجاري تقليدياً إلى مناطق ذات طابع سكني، فيما بدأت المنطقة المستحدثة أخيراً، اي منطقة الردم والواجهة البحرية، تطغى على مناطق الوسط التقليدية و«تقتلها»... رغم ذلك، إن الأسعار بين المنطقتين تكاد تكون متساوية.
أسهمت السلطة السياسية التي تمتعت بها شركة «سوليدير» في تمكين ناصر الشمّاع، رئيس مجلس الادارة، من البقاء في رئاسة مجلس إدارة الشركة لكونه يمثّل أسهم آل الحريري مباشرة في المجلس. وبهذه الخلفية تمكنت إدارة الشركة من تعديل المخطط التوجيهي لوسط بيروت أكثر من 34 مرّة، فيما صدرت عشرات القرارات الحكومية والإدارية في المحافظات والبلديات لمصلحة هذه الإدارة فقط. رغم ذلك كله، كانت أعمال «تطوير» العقارات تأخذ أشكالاً من الفوضى المنظّمة التي أدّت إلى تضارب الأهداف والمصالح بين منطقتي «الوسط التقليدي» و«المنطقة المستحدثة».
في كلتا المنطقتين حصلت سوليدير على أراض بأسعار بخسة؛ ففي الوسط التقليدي تمكنت من قهر أصحاب الحقوق والاستيلاء على أملاكهم، بسعر 1532 دولاراً لمتر الارض رغم أنه كان يراوح في العقارات المحيطة بالوسط بين 2500 دولار و4000 دولار، وفق دراسة لتجمّع أصحاب الحقوق. أما في المنطقة المستحدثة فقد تمكنت الشركة من قهر الدولة اللبنانية بكاملها حين استصدرت المرسوم 5665/ 1994 والذي يمنحها 42% من الأرض المردومة ( وهي تمثل العقارات القابلة للاستثمار) مقابل حصّة للدولة تبلغ 52% من الأرض (غير القابلة للاستثمار بمعظمها). لكن التخطيط لهذه المنطقة لم يكن بهذا التنظيم الدقيق لعملية القهر. فعلى سبيل المثال يذكر بعض أصحاب الحقوق في وسط بيروت أن منطقة ساحة البرج التي كانت مكان تجاري وشعبي تحوّل اليوم إلى منطقة يغلب عليها الطابع السكني، تقوم فيها مبان فارغة من السكان. ويؤكد مستثمرون خليجيون أن سبب هذه الفوضى قد لا يكون سوى عشوائية الشركة التي دفعت المستثمر الإماراتي «بيت أبو ظبي» إلى «الفرار» بعدما وقّع عقوداً لشراء نحو 8 قطع أرض كان يعتزم تشييد مشروع «بيروت غيت» عليها.
في السياق نفسه، يعرب وسطاء عقاريون عن أسفهم لسوء إدارة «سوليدير» في مجال التخطيط المديني، ففيما كان يجب أن تكون الواجهة البحرية مطلّة على كل مباني الوسط (أن تكون كالدرج أقصر عند البحر وترتفع كلما تقدمت إلى العمق)، ما مثّل مبرراً لبيع العقارات البعيدة عن البحر بالاسعار القريبة إليه، جرت عملية التفاف على المستثمرين الذين اشتروا في البدء قبل أن تكون هناك منطقة مستحدثة، ليكتشفوا لاحقاً أن الأسعار في المنطقة المستحدثة تكاد توازي أسعار المبيع في منطقة سوق المتنبّي (على تخوم الجميزة)، أي بمعدل يراوح بين 4000 دولار و4500 دولار لمتر البناء.
ويضيف هؤلاء الوسطاء، بأن هناك خطأ استراتيجياً وقعت فيه «سوليدير» عندما أفرزت قطع الأرض في منطقة «الوسط التقليدي» إلى مساحات كبيرة لا يمكنها أن تستقطب الزبائن اليوم مثل قطع الأرض ذات المساحات الأصغر حجماً في «المنطقة المستحدثة». فالاراضي المتبقية في العمق، أي في الوسط التقليدي والمقدرة بنحو 280 ألف متر مربع بناء، ليس ممكناً بيعها لأن الزبائن يفضّلون الاستثمار في موقع المنطقة المستحدثة المطلّة على البحر. فضلاً عن أن الطلب العقاري اليوم ينحصر في الاستثمارات الصغيرة الحجم بعد انسحاب الخليجيين من السوق اللبنانية وعرض استثماراتهم للبيع منذ أكثر من 3 سنوات.
أيضاً، يؤكد الوسطاء العقاريون أن وجهة الاستعمال تحدّد كثيراً سعر العرض والطلب في السوق، مشيرين إلى أن إمكان بيع الأراضي المتبقية في المنطقة التقليدية غير وارد خلال الفترة المقبلة، لا سيما ان أسعار الشقق بدأت تهوي في تلك المنطقة، ففي بعض المباني كانت هناك شقق معروضة بسعر 8000 دولار للمتر الواحد، لكن أصحابها باعوا بسعر 6500 دولار، وهذا ينطبق على الخط الذي يحاذي فينيسيا شرقاً حيث تراجعت الأسعار بنسبة 20% كحدّ أدنى. ويشير هؤلاء إلى أن عمليات البيع التي يقوم بها المضاربون العقاريون «جامدة إلى حدّ كبير».
وهناك أسباب أخرى تدفع بعض أصحاب العقارات إلى هجرة «الوسط التقليدي»، إذ هناك أكثر من مبنى معروض للبيع في المنطقة المحيطة بساحة البرج بالقرب من مبنى «الفيراري» ونحو ساحة رياض الصلح، ولم تجد زبائن بعد. لكن أكثر ما يدلّ على هذه الهجرة من الوسط التقليدي إلى المنطقة المستحدثة هو ما قامت به «سوليدير» خلال السنوات الأخيرة عندما قررت أن تؤسس شركات لادارة واستثمار الفنادق والمطاعم والمقاهي خلافاً لقانون إنشائها، وفرضت على عدد من المؤسسات الفندقية الأخرى شراكتها للسماح لها بالعمل في المنطقة التي سمّيت «زيتونة باي».
فبحسب عاملين في القطاع السياحي والفندقي، إن المؤسسات في منطقة «الوسط التقليدي» أي بالقرب من ساحة النجمة، «لا تعمل بالحد الأدنى من طاقتها» فقد كانت هذه المطاعم تعتمد على زبائن الوسط الذين هجروها باتجاه «زيتونة باي» التي تقع على كورنيش بحري وموقف يخوت.
هذا المشهد العقاري، يشير إلى أن مشروع «سوليدير» كان موجّهاً لرؤوس الأموال الكبيرة، أي الخليجية بالدرجة الاولى. ما يدلّ على هذا الواقع، أن ضعف نسب التشغيل في منطقة الوسط التقليدي يعود إلى عدم قدرة الشركة على استقطاب زبائن جدد بعدما فقدت زوارها الخليجيين خلال السنوات الثلاث الأخيرة لتصبح في أدنى مستوى لها خلال هذه السنة، وبالتالي فإن الرواد التقليديين توجهوا نحو «زيتونة باي».

12 سنة
هي المدّة التي قضاها مجلس إدارة «سوليدير» بالأعضاء أنفسهم على ما يقول الخبير الاقتصادي مروان اسكندر

4440 دولاراً
هو معدل سعر متر البناء على الواجهة البحرية لوسط بيروت في الصفقات الأربع الأخيرة التي أجريت في عام 2011

مخالفات بالجملة
من أبرز مخالفات شركة «سوليدير»، بحسب الخبير الاقتصادي مروان اسكندر، أنها أسست شركة للمطاعم خلافاً لهدف إنشائها، فضلاً عن أن هناك أكثر من عضو في مجلس إدارتها قد تخطت أعمارهم سن 70 سنة وهم أعضاء في مجالس إدارات أكثر من شركتين ولا يزالون أعضاء خلافاً للقانون!
اقتصاد
العدد ١٧٣٢ الخميس ١٤ حزيران ٢٠١٢

No comments:

Post a Comment